اكتشاف مذهل في جبال الألب الإيطالية: آثار أقدام
ديناصورات عمرها 210 ملايين عام تكشف أسرار العصر الترياسي
قسم: مقالات
في كشف أثري وصفه الخبراء
بأنه "كنز علمي عالمي"، أعلنت السلطات الإيطالية عن العثور على مجموعة
ضخمة من آثار أقدام الديناصورات في قلب جبال الألب. هذا الاكتشاف لا يمثل مجرد
إضافة لسجل الأحافير الإيطالي، بل يعد واحداً من أهم المواقع الأثرية في أوروبا
والعالم، نظراً للمساحة الشاسعة التي تغطيها الآثار والمعلومات السلوكية التي
تقدمها عن كائنات عاشت قبل أكثر من 200 مليون عام.
 |
| اكتشاف مذهل في جبال الألب الإيطالية: آثار أقدام ديناصورات عمرها 210 ملايين عام تكشف أسرار العصر الترياسي |
اكتشاف مذهل في جبال الألب الإيطالية: آثار أقدام ديناصورات عمرها 210 ملايين عام تكشف أسرار العصر الترياسي
تفاصيل الاكتشاف صدفة قادت إلى تاريخ سحيق
بدأت القصة في سبتمبر
الماضي، عندما كان مصور الحياة البرية "إليو ديلا فيريرا" يتجول في
منطقة وعرة داخل
متنزه ستيلفيو الوطني (Stelvio National Park)، وتحديداً في المنطقة الواقعة بين مدينتي بورميو
وليفينيو شمال إيطاليا. وعلى منحدر صخري شبه عمودي، لفتت نظره نقوش غريبة ومنتظمة
لم تكن مجرد تآكل طبيعي للصخور.
- بعد استدعاء فريق من
الخبراء بقيادة عالم الحفريات الشهير كريستيانو دال ساسو من متحف التاريخ الطبيعي في ميلانو، أكدت الدراسات الأولية أن هذه النقوش
هي آثار أقدام ديناصورات تعود إلى
العصر الترياسي العلوي، أي قبل نحو 210
ملايين سنة.
البروسوروبودات أجداد
العمالقة في جبال الألب
كشفت التحليلات أن هذه
الآثار، التي يصل قطر بعضها إلى 40 سنتيمتراً، تنتمي إلى فصيلة "البروسوروبودات" (Prosauropods). وهي
ديناصورات عاشبة كانت تمشي على قدمين أو أربع، وتتميز بأعناقها الطويلة ورؤوسها
الصغيرة مقارنة بأجسامها.
- تكمن الأهمية العلمية لهذه
الفصيلة في كونها الأسلاف المباشرة للدينصورات "السوروبودات" الضخمة
التي ظهرت في العصر الجوراسي، مثل "البرونتوصور" و"الدبلودوكس".
ويشير وضوح الآثار، التي يظهر في بعضها تفاصيل أربعة أصابع، إلى دقة الحفظ التي
تمتعت بها هذه الصخور عبر ملايين السنين.
كنز علمي على امتداد مئات
الأمتار
أكد "أتيليو فونتانا"،
رئيس منطقة لومبارديا، خلال مؤتمر صحافي، أن هذه المجموعة "تمتد على مئات
الأمتار"، مما يجعلها من أضخم المواقع في العالم. ولا تقتصر الأهمية على
العدد، بل على ما تكشفه من سلوكيات اجتماعية معقدة، حيث أوضح الدكتور
دال ساسو النقاط التالية:
- التحرك الجماعي:
تظهر المسارات المتوازية بوضوح أن هذه الديناصورات
كانت تتحرك في "قطعان" بصورة متزامنة ومنظمة.
- التجمعات الدفاعية:
عثر العلماء على آثار تشير إلى تجمع الحيوانات في دوائر،
وهو سلوك يرجح الخبراء أنه كان يُستخدم للحماية والدفاع ضد المفترسات، مما
يغير تصورنا عن ذكاء وسلوك الكائنات في ذلك العصر السحيق.
- التنوع البيئي:
الموقع يثبت أن هذه المنطقة من جبال الألب، التي هي
اليوم مرتفعات صخرية شاهقة، كانت يوماً ما بيئة صالحة للحياة الكثيفة والتنوع
البيولوجي.
جيولوجيا
المكان كيف صمدت الآثار 210 ملايين عام؟
يعود الفضل في بقاء هذه
الآثار إلى طبيعة صخور "الدولوميت" التي تشكلت في العصر الترياسي. ففي
ذلك الوقت، لم تكن جبال الألب موجودة بشكلها الحالي، بل كانت المنطقة عبارة عن
شواطئ طينية وسبخات ملحية. مشت الديناصورات على الطين الرطب، ثم جفت هذه الآثار
تحت أشعة الشمس وتغطت بطبقات من الرواسب التي تحولت مع مرور ملايين السنين إلى
صخور صلبة. وبفعل الحركات التكتونية التي أدت لرفع جبال الألب، صعدت هذه الطبقات
إلى الأعلى لتصبح اليوم على منحدرات عمودية.
الموقع الجغرافي والأهمية
السياحية
يأتي هذا الاكتشاف في
توقيت استراتيجي، حيث يقع الموقع بالقرب من مدينتي بورميو وليفينيو، اللتين تستعدان لاستضافة فعاليات دورة الألعاب
الأولمبية الشتوية "ميلانو-كورتينا 2026". ومن المتوقع أن يتحول متنزه
ستيلفيو الوطني إلى وجهة عالمية للسياحة العلمية والبيئية، حيث تسعى السلطات
الإيطالية لوضع خطة لحماية الموقع وتسهيل وصول الباحثين إليه مع الحفاظ على سلامته
من العوامل الجوية، خاصة وأن الثلوج تغطي الآثار حالياً.
الخلاصة نافذة على الماضي
إن اكتشاف آثار أقدام
الديناصورات في إيطاليا ليس مجرد خبر عابر، بل هو وثيقة جيولوجية تؤكد أن الأرض
تخبئ في طياتها الكثير من الأسرار. هذا "المختبر المفتوح" في جبال الألب
سيسمح للعلماء بإعادة رسم خريطة انتشار الديناصورات في القارة الأوروبية وفهم
كيفية تطور السلالات العملاقة التي حكمت كوكبنا لملايين السنين.